تعرض الشباب العربي للمواقع الإلكترونية المتطرفة فكرياً وعلاقته بإدراكهم للمنطق الدعائي للتنظيمات الإرهابية: دراسة ميدانية في إطار نظرية تأثير الشخص الثالث
, مجلد 4
, العدد الثالث عشر
صفحات 175 - 208
المؤلفون:
د. غادة مصطفى البطريق-حاصلة على الدكتوراة في الإعلام،قسم الإعلام،كلية الآداب،جامعة الزقازيق
الملخص:
لقد سخّرت الجماعات الإرهابية الشبكةَ الرقميّة لأغراضها الدعائية، فمنذ شرع تنظيم القاعدة قبل نحو عقد من الزمن في بث بياناته عبر الانترنت، حتى بَرَزَ في السنوات الخمس الأخيرة، نشاط "رقمي" فعّال للجماعات المتطرفة، لتسويق بياناتها وصور فعالياتها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لاسيما "فيسبوك" و"تويتر"، في سعيها لتعزيز إستراتيجية لا تهدف إلى نشر ثقافتها المتطرفة و"التكفيرية"، فحسب، بل إلى شن حرب نفسية، للتأثير في الخصوم، والسعي إلى استقطاب الشباب، للتطوّع في صفوفها والقتال في البلدان التي تحارب فيها مثل أفغانستان والعراق وسوريا واليمن ودول أخري. ومما يزيد الأمر خطورة هو قدرة التنظيمات الإرهابية في استغلال وتوظيف شبكات التواصل الاجتماعي التي تصبح ليس فقط حاملة لأيديولوجيته، وإنما منصة ل"السلطة والقوة" التي تجعل هذا الخطاب "مُهَيْمِنًّا" وسائدًّا، ثم مُوَجِّهًّا وراسِمًّا لأولويات المستخدمين وما يجب التفكير فيه؛ وهو ما يُعبَّر عنه ب"أيديولوجيا الوسيلة" التي ترتكز على منح تقنيات الاتصال سلطة معيارية لتكون العامل الأول في تنظيم المجتمع وإعطائه معناه، وقد لا يتضح البعد الأيديولوجي للوسيلة في جانب الاستعمال، لكن يظهر جليا في جانب توظيف المستجد التكنولوجي لأغراض لا يغدو عنصر الاستعمال في خِضَمِّها إلا تجليًّا من تجلِّيات تلك الأغراض، وهو ما تلخصه مقولة عالم الاتصال ماكلوهان الوسيلة هي الرسالة. انطلاقًا مما سبق، يتضح أنَّ هذا الزخم في انتشار المواقع الالكترونية المتطرفة على مستوى العالم عمومًا، والعالم العربيِّ خصوصًا من جانب، وخطورة المضمون المقدم من جانب التنظيم الإهاربي من جانب آخر أدى إلى نشوء جدل كبير حول ما مدي متابعة الشباب العربي لهذه النوعية من المواقع الإلكترونية المتطرفة ؟ وما تأثيرها علي توجية العقل العربي واقتناعهم بأفكارهم المتطرفة وما تدعو إليه من فكر تكفيري لكل المجتمع ؟وما مدي إدراك الجمهور العربي لتأثير هذه المواقع الإلكترونية المتطرفة علي انفسهم وعلي الآخرين وذلك في إطار نظرية الشخص الثالث ؟. وتعتمد الدراسة علي نظرية تأثير الشخص الثالث، وتتبلور مشكلة الدراسة في قياس تعرض الجمهور العربي للمواقع الالكترونية المتطرفة فكريا وعلاقته بإدراكهم للمنطق الدعائي للتنظيمات الإرهابية، وذلك في إطار نظرية تأثر الشخص الثالث. قامت الباحثة بتطبيق الدراسة علي عينة من الشباب العربي موزعين علي ثلاث جامعات في ثلاث دول عربية مختلفة وهم كالتالي جامعة القاهرة في جمهورية مصر العربية، وجامعة الإمام محمد بن سعود في المملكة العربية السعودية والجامعة الخليجية في البحرين، وتم تطبيق البحث علي 300 مفردة بواقع 100 مفردة لكل دولة عربية. وتم سحب العينة بطريقة عمديه Purposive Sample وهي من العينات غير الاحتمالية Non-Probability Sample ، والتي لا تعتمد على الخطوات الحسابية في اختيار مفرداتها، ولجأت الباحثة إلى العينة العمديه حتى تتمكن من توفير شرط التعرض للمواقع الالكترونية المتطرفة فكريًا وذلك لاختبار فرضية الشخص الثالث. وتم جمع بيانات الدراسة باستخدام استمارة استبيان مقننة، عن طريق المقابلة الشخصية للمبحوثين، وقد تم تعاون الباحثة مع مجموعة من الباحثين الأكاديميين والمتخصصين في مجال الإعلام. ودلت نتائج الدراسة على: - أن الشباب العربي بشكل عام يتعرضون بدرجة كبيرة للمواقع الالكترونية المتطرفة فكريا، حيث أشارت النتائج أن نسبة 79% يتعرضون لهذه المواقع وذلك بين المتابعة المنتظمة والغير منتظمة، وفي المجمل تعتبر الباحثة أن هذه النسب مرتفعة جدا وأن هذه التنظيمات استطاعت استقطاب الشباب العربي بشكل عام، ومن الذكور والإناث علي حد سواء، كما استطاعت استقطاب كل الشباب العربي علي اختلاف خلفياتهم الثقافية والدينية. - من النتائج الهامة والخطيرة التي يجب التوقف عندها هو أن الشباب العربي أفكاره مشوهة اتجاه هذه التنظيمات الإرهابية، وأنه لم يبلور فكر ورؤية واضحة واتجاه محدد نحو هذه التنظيمات الفكرية المتطرفة، وهو يدل علي نجاح هذه التنظيمات التي استطاعت أن تشوه فكره مما يسهل عملية الانسياق، لان في حالة ضبابية الرؤية والتشويش العقلي يسهل عملية الانصياع وراء أي أفكار. - أشارت المعاملات الإحصائية إلي عدم وجود فروق ذات دلالة إحصائية بين إدراك أفراد العينة لتأثر سلوكهم الشخصي وإدراكهم لتأثر سلوك اقرب صديق لديهم، وهذه النتيجة تؤكد ما جاءت به نظرية تأثير الشخص الثالث.
الكلمات المفتاحية:
التعرض، المواقع الإلكترونية، التطرف الفكري، المنطق الدعائي، التنظيمات الإرهابية، نظرية تأثير الشخص الثالث.
لغة البحث:
اللغة العربية
|